gooplz

التوجيه التربوي وبيداغوجيا الإدماج:أية علاقة؟

بقلم:مولاي إسماعيل الفلالي(مستشار في التوجيه التربوي)
EMAIL : elfilali_prof73@hotmail.com

إن العمل ببيداغوجيا الإدماج، كإطار منهجي لأجرأة المقاربة بالكفايات، أضحى\"موضة\" تربوية، وأصبح حديث المدرسين والمؤطرين على حد سواء.
فمنذ أن اختارت وزارة التربية الوطنية سنة 2008 اللجوء لخدمات الباحث التربوي البلجيكي Xavier REOGIER من أجل مصاحبة \"مشروع إصلاح التعليم الابتدائي والثانوي\"، وهو المشروع الذي يحضى بدعم UNESCO ، والوزارة تسعى بخطى حثيثة لتعميم بيداغوجيا الإدماج على مجموع الأقسام المدرسية بالمملكة.
ولذلك فإنه من المبكر فتح نقاش حول مدى صلاحية هذه البيداغوجيا ، فالتجربة لا زالت في طور الإرساء وبالتالي فلا يمكن الحكم عليها قبل أن يتم تقييم نتائج تطبيقها، بالنظر إلى جودة تعلمات وتكوينات المتعلمين/المكونين الذين سيتم إعدادهم للانخراط في مسلسل التنمية والتحديث الذي يعرفه المغرب والذي تلعب فيه المدرسة والجامعة دور الرافعة والدعامة الأساسية. فما هي بيداغوجيا الإدماج؟ وهل تعني فقط حقل التدريس والتكوين ؟ أم أنها تساؤل منظومة التوجيه التربوي بكل مكوناتها؟ وما هي وسائل تصريف هذه البيداغوجية في مجال التوجيه التربوي؟
بيداغوجيا الإدماج:
الإدماج عموما معناه إقامة علاقات بين التعلمات بهدف التو صل إلى حل و ضعيات مركبة، وذلك من خلال تعبئة المعارف والمهارات المكتسبة.
ولتدريب التلاميذ على الإدماج،تقدم لهم و ضعيات مركبة تسمى \"و ضعيات الإدماج \"، ويطلب منهم إيجاد حل لها.(دليل بيداغوجيا الإدماج-وزارة التربية الوطنية).
أما في الاصطلاح التربوي فالإدماج هو تلك العملية التي بواسطتها يقوم المتعلم بمواجهة وضعية مركبة تستدعى إنجاز مهمة ما ،أو حل مشكل ما ، بحيث ينتقى من رصيده المعرفي والمهاراتي والوجداني والحس-حركي ، الموارد المناسبة(معارف-مهارات-مواقف) (طبيعية كانت أو مكتسبة) ما يمكنه من إنجاز المهمة المطلوبة منه أو حل مشكل على الوجه المطلوب .
و بيداغوجيا الإدماج بهذا المعني هي نقل transfert المعارف و المهارات بغرض استخدامها في وضعيات الحياة الحقيقية بطريقة عملية.من خلال التدريب الذي يتلقاه المتعلم/المكون بالمدرسة أو أي فضاء للتكوين.
منطلقات بيداغوجيا الإدماج:
تنطلق هذه البيداغوجيا حسب REOGIER Xavier( pédagogie d’intégration,2003)من ثلاث ملاحظات تشخص معظم الاختلالات التي يعاني منها عدد كبير من أنظمة التربية والتكوين :
1-
كون معظم التلاميذ لا يتوفرون على المكتسبات والكفايات الأساسية لكي يستمروا في دراستهم ، وبالتالي الاندماج في الحياة السوسيو مهنية. فهناك فارق كبير بين ما يتلقاه المتعلم وبين انتظارات المجتمع، أي أن ما تنتجه المدرسة لم يعد ملائما لما يتطلبه واقع الحياة العملية.
2-
كون الهوة تتسع بين التلاميذ المتفوقين والتلاميذ المتعثرين. وهي ملاحظة محسوسة على مستوي نتائج التلاميذ .
3-
كون المدرسة نفسها تكون سببا في إخفاق أو نجاح التلاميذ، من خلال نظام التقويم الذي يسمح بمرور تلاميذ إلى مستوى أعلى بناء على التمكن من معارف فحين أنهم لا يتوفرن على الكفايات الأساسية التي تتجاوز المعارف وتحتويها ، ويودي إلى رسوب تلاميذ لمجرد أنهم لم يكتسبوا معارف معينة في حين ينبغي أن ينجحوا. والمحصلة هي أقسام متباينة المستويات، بفروق كبيرة بين التلاميذ ، الشئ الذي ينعكس على أداء المدرس ويصعب من مهمته. فالنظام المدرسي وخاصة نظام التقويم يكون هو نفسه عامل فشل التلاميذ المتفوقين أو نجاح المتعثرين.
ويرى Reogier في هذا الصدد بأن من الأسباب التي أفرزت الاختلالات المشار إليها أعلاه، هو كون النظام التعليمي عندما اعتمد بيداغوجيا الأهداف فإنه بذلك سعى بذلك إلى ترجمة محتويات التدريس إلى أهداف ووضع خطط دقيقة لتحقيقها وقياسها. وقد أفضت هذه المقاربة إلى تجزيء وحدا ت التعلم إلى مكونات متعددة، تتمثل في ما يسمى بالأهداف الإجرائية، الشئ الذي ا أدى إلى تفتيت البنية العقلية للتلميذ.، كما أدى إلى غياب التلاؤم بين المكتسبات المدرسية وما يتطلبه حل المشكلات التي تصادف التلميذ في حياته العامة. مما يحول دون استثمار هذه المكتسبات في سياقات مختلفة.
وانطلاقا من الإكراهات الناجمة عن هذه النقائص، انصب اهتمام الباحثين على طرق جديدة للتفكير والعمل، فظهرت المقاربة بالكفايات محاولة وضع التلميذ في وضعيات مركبة للتعلم بحيث يتعلم كيف يدمج معارفه ومواقفه ومهاراته لحل وضعية- مشكل ما. إلا أن الطابع المركب للوضعيات في مقاربة الكفايات لاسيما المستعرضة منها compétences transversales - وهي الكفايات التي تكتسب من خلال عدة مواد، بدرجات مختلفة- يجعل من الصعب تقويمها وقياس مدى التحكم فيها.
وعليه فقد جاءت بيداغوجيا الإدماج لتحل هذا الإشكال بجمعها بين الملموسconcret /القابل للملاحظة و للتقويم والمركب complexeفي الوضعية الإدماجية.
ومثال ذلك:
عندما نطلب من تلميذ حساب كمية الكربوهيدرات في لائحة أطعمة(هدف ملموس وقابل للقياس ولكن غير مركب).
وعندما نضع الكفاية التالية\" أن يتغذى التلميذ بشكل المتوازن\"( هدف مركب ولكن غير ملموس وغير قابل للقياس).
ولكن عندما نضع \"أن يكون التلميذ قادرا على إنشاء قائمة بأطعمة مختلفة \"(فهذا هدف ملموس ومركب في آن واحد).

وتشدد بيداغوجيا الإدماج على أن الموارد المكتسبة داخل وضعيات إدماجية لا يمكن تقييمها إلا داخل وضعيات إدماجية مركبة. وهو ما نراه الحل الكفيل بإعطاء النجاح أو الفشل معناه الحقيقي، إذ العبرة ستكون بالكفاءة والقدرة على تحريك المكتسبات والموارد لحل المشكلة بدل التركيز على تقويم المعارف بشكل منفصل عن وظيفتها.

إن بيداغوجيا الإدماج كما رأينا ليست فقط منهجية لتدريس المواد بقدر ما هي إطار منهجي وعملي يهدف إلى إقدار التلميذ على إدماج موارده من اجل حل مشكل يعترض حياته أو إنجاز مهمة.إنها تهدف في المجمل إلى تكريس الدور الوظيفي للمدرسة قي بناء تعلمات وكفايات ذات معنى ، مدرسة قادرة على تخريج تلاميذ قادرين على الاندماج في محيطهم السوسيو اقتصادي.
وإذا كان الأمر كذلك فمجال التوجيه التربوي في أمس الحاجة إلى تبني مقاربة الإدماج باعتباره \"جزءا لا يتجزأ من سيرورة التكوين بوصفها وظيفة لمواكبة المتعلمين وتيسير النضج والميول وملكات المتعلمين واختياراتهم التربوية والمهنية…\" \"الدعامة 6 –المادة99 من الميثاق الوطني للتربية والتكوين.وحيث أن التوجيه التربوي يروم أساسا إقدار المتعلم على التكيف مع متغيرات الذات والمحيط، وتمكينه من بلورة مشروع شخصي بشكل واعي، فبداغوجيا الإدماج يمكن أن تكون مقاربة ناجعة لترشيد الممارسة الميدانية في مجال تقديم خدمات الإعلام والتوجيه لفائدة التلاميذ، وذلك بالانتقال من مفهوم الاستشارة التقنية والإعلام الجاهز إلى إعداد أنشطة التوجيه activités d’orientation والتربية على الاختيار، على منوال الوضعيات الإدماجية ، بحيث يتم وضع التلميذ في وضعيات معينة ويطلب منه استخدام معلوماته ومهاراته وكفاياته (أنظر الجدول أسفله ) للوصول مثلا إلى كيفية اتخاذ قرار معين بشأن الحالات والوضعيات التي تعرض عليه.

المعلومات المهارات الكفايات
حول الذات-الميولات- نفط الضعف –نقط القوة- الرغبات-معلومات حول الشعب والمسالك-معلومات حول المهن- المهن-معلومات حول سوق الشغل سيولة الأفكار ، الفضول المعرفي، المرونة، المتوقع، الخيال،المقارنة،التصنيف،التفكير التركيبي، التبسيط والاختزال، التلخيص والتمييز التوفيق بين المطمح والممكن، تدبير الاحتمال، قبول الواقع، الوضوح، تدبير الحيرة، المقارنة المتشعبة، اتخاذ قرار قابل للتنفيذ الأجرأة، التخطيط، التوقع، وضع استراتيجيات للتنفيذ. التفكير المفاهيمي- التفكير التصنيفي ،التفكير التقييمي التفكير الاستنتاجي- التفكير التقييمي .

المراحل أمثلة لأنشطة توجيهية كيفية تقديم وإنجاز الأنشطة

استكشف التعرف على آفاق البكالوريا الأدبية من خلال المطويان-مواقع الانترنيت-دلائل التوجيه-ملتقيات الطالب-منتديات الإعلام والتوجيه.
مقابلات داخل المؤسسة مع طلبة يتابعون دراساتهم أو تكويناتهم في مجالات أدبية.
زيارة موظف خريج مؤسسة جامعية أو معهد يقدم تكوينات للأدبيين. إجراء مقابلة بين تلاميذ صحفي و ضيف.طرح أسئلة عن مهنة ما والإجابة بدقة وبمعلومات محينة.
يقيم الآخرون أداء كل مجموعة تقدم عرضها.

أصنف اكتشاف تنوع المهن التي تفضي إليها بكالوريا أدبية ووضع تصنيفات بناء على معايير معينة مثل المجالات(الصحة-التعليم-الأمن-القضاء..)بيئة العمل(ساعات العمل-الأجر-إمكانية الترفي-مكان ممارسة المهنة- ايجابيات وسلبيات المهنة) . ينقسم التلاميذ إلى مجموعات وتتكلف كل مجموعة بتصنيف المهن تبعا للمعايير المعتمدة.
أحدد الأولويات ربط العلاقة بين المهن المكتشفة ورغبات التلاميذ (أي مهنة أثارتني؟).
-
إجراء تدريب ميداني على المهنة التي اختارها التلميذ ، لتصحيح معلوماته عن ظروفها. تقديم تقارير عن التداريب الميدانية ومناقشتها داخل الفصل.

أقرر إقرار الخطة البديلة للفرار-آليات تنفيذ القرار طاولة مستديرة حول أهمية اختياري-صعوبات المسار المختار-استكمال التوثيق حول المسار الدراسي أو المهني المختار
نموذج أنشطة توجيهية لتصريف بيداغوجيا الإدماج في مجال التوجيه التربوي باعتماد منهجية ADVP.

خاتمة:
لاشك أن هذا الموضوع ورش مفتوح على التجريب والتكوين حتى تتضح الرؤية والمنهجية. وهي المهمة التي ينبغي أن تصدى لها السلطات التربوية ، مع ضمان تحفيز مختلف الفاعلين للانخراط الجدي في إنجاح هذه المقاربة، لنتمكن سويا من تحقيق مدرسة النجاح التي نحلم بها جميع


ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق